رأى العابد الزاهد إبراهيم بن أدهم –رحمه الله – رجلاً مهموماً فقال له : أيها الرجل : إني أسألك عن ثلاث فأجبني قال : نعم ؟ قال إبراهيم : أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله ؟ قال الرجل كلا؟
قال إبراهيم : أفينقص من رزقك شيء قدره الله ؟ قال الرجل كلا.
فقال له إبراهيم: أفينقص من أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة ؟ قال الرجل : كلا , فقال له إبراهيم : فعلام الهم إذن ؟
قال أبو الربيع لداود الطائي : عظني فقال : صم عن الدنيا واجعل فطرك الآخرة وفر من الناس فرارك من الأسد.
وقال الحسن : كلمات أحفظهن من التوراة : قنع ابن آدم فاستغنى .اعتزل الناس فسلم . ترك الشهوة فصار حراً . ترك
الحسد فظهرت مروءته . صبر قليلاً فتمتع طويلاً .
وقال رجل لسهل : أريد أصحبك فقال : إذا مات أحدنا فمن يصحب الآخر ؟ فقال : الله .قال : فليصحبه الآن.
وفي هذا المعنى : خذ عن الناس جانباً وارض بالله صاحبـــــــاً
قلب الناس كيف شئــــــــــــــــــــــــ ــــــت تجدهم عقاربــــــاً
وقيل لإبراهيم بن أدهم لِمَ لم تصحب الناس ؟ فقال : إن صحبت من هو دوني آذاني بجهله وإن صحبت من هو فوقي
تكبر وإن صحبت من هو مثلي حسدني فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملال ولا في وصله انقطاع ولا في الأنس به وحشه وما ألطف قول بعضهم :
وما احد من ألسن الناس سالمـــــاً ولو أنه ذاك النبي المطهــــــر
فإن كان مقداماً يقولون أهـــــوج وإن كان مفضالاً يقولون مبذر
وإن كان سكيتًا يقولون أبكـــــــم وإن كان مطيقًا يقولون مهــذر
وإن كان صواماً وبالليل قائمــــاً يقولون زوار يرائي ويمكــــر
فلا تكثر بالناس في المدح والثنا ولا تخش غير الله والله أكــبر
وقال بعض العارفين :
أنست بوحدتي ولزمت بيتي فطاب الأنس لي ونما السرور
وأدبني الزمان فلا أبالــــــي بأنـــــــــي لا أزار ولا أزور
ولست بسائل ما عشت يوماً أسار الجند أم ركب الأمـــير